نُشر في: 1 أبريل 2021
مقالات ذات صلة:
حياتي مع طالبان .. حقائق عن الواقع الأفغاني منذ نهاية السبعينيات | مذكّرات الملا عبد السلام ضعيف
يستعرض الفيلم الوثائقي “حياتي مع طالبان” السيرة الذاتية للملا عبد السلام ضعيف أحد مؤسسي حركة طالبان وسفيرها السابق لدى باكستان . يروي الفيلم وقائع تاريخية من واقع أفغانستان الحديث من أواخر السبعينيات فصاعدًا، وذلك استنادًا إلى مذكرات ضعيف الشخصية. يكشف الوثائقي كيف شهدت أفغانستان مدًّا أيديولوجيًّا شيوعيًّا وهيمنة على مفاصل السياسة والمجتمع، ثُمَّ تصاعدت حركة المقاومة الإسلاميّة ردًا على ذلك . تتبلور فكرة الفيلم حول فهم جذور نشأة حركة طالبان وخلفيات الصراعات في أفغانستان من خلال تجارب شخصية وشهادات حيّة، ما يمنح المشاهد نظرة من الداخل على أحداث مفصلية شكّلت تاريخ البلاد الحديث
تعتمد مادة الفيلم بشكل كبير على شهادة الملا عبد السلام ضعيف نفسه بوصفه الراوي الأساسي للأحداث. تظهر روايات ضعيف بصوته أو بقلمه، يُسلّط الفيلم الضوء على عدة معلومات جوهرية تقدم فهماً أعمق لتاريخ أفغانستان الحديث. من أهمها الدوافع الفكرية والسياسية لنشوء طالبان كما يفسّرها ضعيف نفسه؛ إذ يظهر من سرد الأحداث أن الحركة تأسست كاستجابة لفشل الفصائل المتناحرة في إقامة دولة مستقرة عقب دحر السوفييت، ولإحباط الشعب من فساد القادة وقتها. كذلك يبرز الوثائقي دور القوى الخارجية في مسار أفغانستان، سواء الدور السوفييتي في إشعال نار الحرب خلال الثمانينيات أو دور الولايات المتحدة لاحقًا في إسقاط نظام طالبان، فضلًا عن دور باكستان المزدوج – الذي دعم المجاهدين وطالبان في فترات معينة ثم انقلب ضد طالبان عند اعتقال ضعيف وتسليمه. ويشير الفيلم إلى أن سنوات الصراع الطويلة أفرزت معاناة إنسانية كبيرة جسّدها ضعف البنية التحتية وضحايا الحروب وموجات اللجوء، وهي خلفية ألم شعب أفغانستان التي تتردد في ثنايا رواية ضعيف. كما يقدم الوثائقي لمحات عن شخصية الملا ضعيف نفسها، فهو يظهر كرجل ذو إيمان عميق وشخصية هادئة تجلّت في صبره خلال المحن. فعلى سبيل المثال، يعتبر ضعيف أن فترة سجنه كانت اختبارًا روحيًا خرج منه أكثر تمسكًا بمبادئه وإيمانه. أخيرًا، يؤكد الفيلم على أهمية فهم الرواية الأفغانية الداخلية للأحداث عوضًا عن الاقتصار على الروايات الخارجية؛ فمذكرات “حياتي مع طالبان” تعطي صوتًا لأحد أبناء أفغانستان ليحكي قصته بنفسه. هذا ما يمنح العمل الوثائقي قيمته، إذ إنه لا يكتفي بسرد الوقائع التاريخية بل يفسّرها من وجهة نظر أصحابها، مسلطًا الضوء على حقائق وخفايا قد لا نجدها في السرد الرسمي المتداول. بهذه الصورة الشاملة، ينجح الفيلم في رسم لوحة واضحة لمسيرة أفغانستان المضطربة عبر عقود، وفهم كيف تشكّلت طالبان ولماذا آلت الأوضاع إلى ما هي عليه من خلال شهادة شاهد عاش التجربة بكل جوانبها