نُشر في: 6 مارس 2025
مقالات ذات صلة:
قالت وكالة رويترز أن القادة العرب، تبنوا يوم الثلاثاء، خطة مصرية لإعادة إعمار غزة بتكلفة تصل إلى 53 مليار دولار، دون أن تتضمن تهجير الفلسطينيين من القطاع، وذلك في منافسة واضحة مع رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي عُرفت بـ”ريفييرا الشرق الأوسط”.
ورداً على الخطة العربية، صرّح البيت الأبيض بأن الخطة لا تعكس الواقع القائم في غزة، مؤكدًا أن ترامب ما زال متمسكًا بمقترحه. وكان مقترح ترامب الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين تحت إدارة أمريكية قد قوبل بإدانة عالمية واسعة في الشهر الماضي، ما أعاد إحياء مخاوف الفلسطينيين التاريخية بشأن التهجير القسري من وطنهم.

قبول عربي ورفض إسرائيلي أمريكي
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال القمة التي عُقدت في القاهرة، أن الخطة المصرية حظيت بموافقة القادة العرب، كما أشار إلى أن المقترح لاقى ترحيبًا من حركة حماس، لكنه واجه انتقادات من إسرائيل والولايات المتحدة.
وفي خطابه بالقمة، أعرب السيسي عن ثقته في قدرة ترامب على تحقيق السلام، مشيرًا إلى أن قطاع غزة أصبح مدمرًا بالكامل بفعل الهجوم العسكري الإسرائيلي.
إحدى القضايا المحورية التي لم تُحسم بعد تتعلق بمن سيحكم غزة بعد الحرب، وكذلك ما هي الدول التي ستوفر التمويل اللازم لإعادة إعمار القطاع.
إدارة غزة بعد الحرب
قال السيسي إن مصر عملت مع الفلسطينيين على إنشاء لجنة إدارية من شخصيات فلسطينية مستقلة ومحترفة تتولى إدارة شؤون غزة بعد انتهاء الحرب. وستكون هذه اللجنة مسؤولة عن تنظيم المساعدات الإنسانية وإدارة شؤون القطاع مؤقتًا إلى حين عودة السلطة الفلسطينية لتولي مسؤولية الحكم هناك.
فيما يتعلق بحركة حماس، المنافس الرئيسي للسلطة الفلسطينية، فإن دورها المستقبلي لا يزال موضع جدل كبير. وكانت هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 على إسرائيل قد أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر أكثر من 250 آخرين، وفقًا للمصادر الإسرائيلية. وردًا على ذلك، شنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة على غزة، أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة المحلية، كما أدت إلى تشريد الغالبية العظمى من سكان القطاع.
موافقة حماس وتحفظات أمريكية وإسرائيلية
وافقت حماس على المقترح المصري، مؤكدة أنها لن تشارك في اللجنة الإدارية، لكنها اشترطت أن يتم إشراكها في اختيار أعضائها وجدول أعمالها، على أن تعمل اللجنة تحت إشراف السلطة الفلسطينية.
وفي وقت متأخر من يوم الثلاثاء، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه قد تم الاستقرار على الأسماء المرشحة للمشاركة في اللجنة.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقد رحّب بالمقترح المصري، داعيًا ترامب إلى دعمه، مؤكدًا أن الخطة لا تتضمن تهجير الفلسطينيين. كما أعرب عباس عن استعداده لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية إذا توفرت الظروف المناسبة، مشددًا على أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الشرعية الوحيدة التي يحق لها الحكم والإشراف العسكري في الأراضي الفلسطينية.
من جانبها، وافقت حماس على مبدأ إجراء الانتخابات.
ردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية
في المقابل، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخطة، ووصفتها بأنها “تعتمد على تصورات قديمة”، كما رفضت الرهان على السلطة الفلسطينية، معربة عن استيائها من أن الخطة تبقي حماس في المشهد السياسي.
أما البيت الأبيض، فقد عبّر عن عدم رضاه عن الخطة، إذ قال المتحدث بريان هيوز إن “المقترح الحالي لا يعكس واقع غزة، حيث أصبح القطاع غير صالح للسكن بسبب الدمار الهائل والذخائر غير المنفجرة”.
وأكد هيوز أن ترامب متمسك برؤيته لإعادة بناء غزة، لكن دون وجود لحماس.
تمويل إعادة إعمار غزة
من المتوقع أن يتطلب إعادة إعمار القطاع مشاركة واسعة من دول الخليج الغنية بالنفط مثل الإمارات العربية المتحدة والسعودية، نظرًا لامتلاكهما القدرة المالية على توفير التمويل اللازم.
وأشار رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إلى أن صندوق إعادة الإعمار سيعتمد على التمويل الدولي، ومن المحتمل أن يكون تحت إشراف البنك الدولي.
الإمارات، التي تعتبر حماس وغيرها من الجماعات الإسلامية تهديدًا وجوديًا، تشترط نزع سلاح الحركة بالكامل قبل تقديم أي دعم، فيما تفضل دول عربية أخرى اتباع نهج تدريجي في التعامل مع هذا الملف، بحسب مصدر مطّلع.
أما السعودية، فتعتبر أن استمرار وجود حماس المسلحة في غزة يمثل عائقًا رئيسيًا، نظرًا للاعتراضات الشديدة من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تحتاجان إلى الموافقة على أي خطة مستقبلية.
وفي كلمته خلال القمة، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن هناك حاجة لضمانات دولية للإبقاء على وقف إطلاق النار، كما أبدى دعمًا لدور السلطة الفلسطينية في حكم القطاع.

موقف حماس
رفض مسؤول حماس البارز سامي أبو زهري مطالب إسرائيل والولايات المتحدة بتجريد الحركة من سلاحها، مؤكداً أن “حق المقاومة غير قابل للتفاوض”.
وفي حديثه لرويترز، قال أبو زهري إن الحركة لن تقبل بأي محاولات لفرض مشاريع أو إدارة غير فلسطينية على غزة، كما رفض أي وجود لقوات أجنبية في القطاع.
منذ أن أطاحت حماس بالسلطة الفلسطينية من غزة في عام 2007 بعد نزاع داخلي، فرضت سيطرتها الكاملة على القطاع، ولم تسمح بأي معارضة سياسية داخلية.
البديل العربي لخطة ترامب
خلال الأسابيع الماضية، تشاورت مصر والأردن ودول الخليج بشأن بديل لخطة ترامب التي كانت تهدف إلى إخراج الفلسطينيين من غزة وفرض إدارة أمريكية، وهي خطوة تخشى الدول العربية أن تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بالكامل.
وكانت مسودة البيان الختامي للقمة التي اطلعت عليها رويترز قد أكدت على رفض أي عمليات تهجير جماعي للفلسطينيين.
وتتكون خطة إعادة إعمار غزة المصرية من 112 صفحة، تتضمن خرائط لإعادة تطوير الأراضي، إلى جانب صور تم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي تُظهر مناطق سكنية، وحدائق، ومراكز مجتمعية، بالإضافة إلى ميناء تجاري، ومركز تكنولوجي، وفنادق شاطئية، ومطار.
رغم ذلك، أشار مصدر مطّلع إلى أن إسرائيل قد لا تعارض فكرة تولي جهة عربية مسؤولية حكم غزة، شريطة اختفاء حماس من المشهد.
لكن مسؤولًا إسرائيليًا آخر أكد أن الهدف الأساسي للحرب كان تدمير القدرات العسكرية والإدارية لحماس، مضيفًا: “إذا وافقت حماس على نزع سلاحها، فيجب أن يتم ذلك فورًا. أي شيء آخر غير مقبول”.
خسائر حماس في الحرب
ذكرت مصادر مطّلعة على وضع حماس أن الحركة فقدت بضعة آلاف فقط من مقاتليها خلال الحرب.
في المقابل، تدّعي إسرائيل أن حوالي 20 ألف مقاتل من حماس قد قتلوا، وأن الحركة فقدت قدرتها كقوة عسكرية منظمة.